(دروب إلى الحق- من الآيات الربانية المسطورة والمنظورة )

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله \ وبعد:

فأن يكون اسم من أسماء الله الحسنى ( الحق ) فهو يعني رقياً لهذا المعنى
في نطاق الحياة ومجال الكون وهو انطلاق إلى الرقي الإنساني والفيض البشري
( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغةً ونحنُ له عابدون ) البقرة-آية 138

وإن اتصف خالقك بهذا الوصف فقد أعطاك إجلالاً وإكباراً فلو طرح أمام
العالم لفظتا ( الحق ) و ( الباطل ) لما تردد أحدٌ في إعطاء كل من الوصفين
حقهما عند استعمال العقل والبرهان وإن زاغت في التعامل معهما أوجه بفعل
الأهواء ونزغات الشيطان ولكن يبقى الحق حقاً والباطل باطلاً بالفطرة
والفكر ومشاعر الإنسان الخيرة ووجدانه المنير وقيمه المضيئة .
(آلا له الخلق والأمر تباركَ الله رب العالمين ) الأعراف – آية 54

وقد عاشت البشرية في دائرة من دلالات النور ومنطلقات الظلم ( وهديناه النجدين ) البلد آية 10
(الذي خلق فسوى (2) والذي قدر فهدى (3) ) الأعلى

( فألهمها فجورها وتقواها ) الشمس آية 8
ولم يدع الإله من في الحياة في ضل الضلال والزيغ دون أن يهبه مابه يدرك
ويميز مابين الخير والشر فإنه أوجد كياناً إنسانياً يتمتع بكامل المدركات
وجميع سبل المعقولات والمفهومات بما يجعله يقف على البراهين الموصلة لكل
حقٍ وخيرٍ وصلاح وإن نكث عن هذا فبفعل هواه
وضلالاته واختار سبل الباطل ليترك سبيل الله القويم .

( قال ربنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) طه آية 50
ويوم أن يعرض الإنسان عن الهبات الربانية التي جاءته لترفع من أوضاعه في
الدارين ويسلك بها وجهات تهبط به في شقاء وتعاسة لأنه جانب إكرامات الله
له .

( وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) يوسف – آية 105
وهذا اندفع إليه الإنسان مع أن الله كان قد استنطقه الصواب وهو في عالم
الذر في ظهر آدم (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على
أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا
غافلين ) الأعراف آية 172

ولما كان الإنسان قد وهب دوافع الخير وما به يدركه فشقاؤه عندها من توجيه
ذاته ومنبع كيانه وهو مالا يرتضيه منه خالقه ( ولا يرضى لعباده الكفر )
الزمر آية 7

( هو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ماتشكرون ) النحل آية 78

ولا يزيغ البشر إلا عندما يعطلون مابه يفوزون ويسعدون .
( وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون ) النمل آية 93

والرب الكريم المحسن لعباده والرءوف بهم هو الأدرى بما يحقق آمالهم وطموحاتهم على الدوام .
( آلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك آية 14
( ولاينبئك مثل خبير ) فاطر آية 14

وبدلالته وما يعرف به تزول الظلمه ويحل الإشراق والنور والبهاء والضياء .
( الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ) إبراهيم آية 1

وإذا التزمت الأمم منهج الله والأسس القويمة التي وضعها لحياتها حصلت على
التأييد والتمكين الذي وعدوا به من خالقهم ومبدعهم ومصورهم .

ففي مكة وقبل الهجرة والمسلمون قلة مستضعفة لاتستطيع أن تدفع عن نفسها أذى
المشركين وعدوانهم أنزل الله ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) القمر آية 45

وحلت الهزيمة الموعود بها من الإله بعد سنين مما يعطي المؤمنين منعة وحصانة على مر الأيام والدهور فيما إذا حققوا شروط الجندية لله
( وإن جندنا لهم الغالبون ) الصافات آية 173

وشتان بين من هو في ظل عناية الله ورعايته وبين من هو في زيغ من الباطل وغيابة من الظلام
( أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها) الأنعام آية 122

والإله قد أنار السبيل لمن هم أسوياء البصيرة مضيئوا العقول مشرقوا
الأفئدة وقد حباهم 1- آيات مسطورة 2- وآيات منظورة تشمل 1- الأنفس
2-والكون.

والآيات القرآنية موطن إحلال الثبات واليقين وصراط الله المستقيم وبها يتلقى مبتغياته من الهدى والحق
( ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمةٍ وبشرى للمسلمين ) النحل آية 89
ورؤى البشرية الحقه ومنطلقاتها المعيشية الصائبة يمكن استقاؤها من معين القرآن الكريم على كل المستويات والمطالب
( إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم أن يستقيم (28) ) التكوير

(يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبينا ) النساء آية 174

ومع اتصاف القرآن الكريم بصبغة الحياة والإنارة والعزة فلن يلامسه باطل أو يقترب منه ضلال وبهتان ...

( وإنه لكتاب عزيز _ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) فصلت آية 41_42

والأيات المنظورة 1 _في الأنفس 2_ والكون ...

والناظر فيهما يدرك كم لله من آيادي معجزة وباهرة فيهما ...
إذ من يمعن النظر في مكونات الإنسان الجسميه والروحيه يصل إلى أن وراء هذا كله إبداع في الخلق وقدرة في الصنع ...
( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات آية 21

(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) التين آية 4
( سنريهم أياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) فصلت آية 53

( يأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم _ الذي خلقك فسواك فعدلك _ في أي صورة ماشاء ركبك ) الإنفطار آية 6و7و8

وما جاء في الأنفس من أن السماع هو المصدر الأول للعلم لذا قدم في الآيات الكريمة ..
(هو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ماتشكرون ) النحل آية 78

وكدليل على ماسيكون للبنان في نفس الإنسان من قيمة مستقبلية ..

( بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) القيامة آية 4

والألم في النفس البشرية يحسه الإنسان في مواطن الجلد ولذا إذا ذهب فإنه
لامجال للإحساس به وذوقه الإ إذا أبدل بآخر يوم القيامة على المعذبين في
النار ..

(كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ) ثم يعلل (ليذوقوا العذاب ) النساء آية 56
وفي الكون مع اتساعه ودقة حركته نرى مخلوقات جل صانعها وعظم مبدعها كلها
قدرة فائقة وإبداع وروعه وتناسق وبهاء وجمال قل أن تسامى أو تضاهى ..

( ماترى في خلق الرحمن من تفاوت ) الملك آية 3

والإنسان لابد له من إعمال الفكر وإشغال العقل وإيقاظ الذهن ليصل إلى
النظر في عظمة القدير وكمال الصانع والبارئ العزيز وذلك عند نظره في ملكوت
السماوات والأرض ومابينهما ..
(صنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير بما تفعلون) النمل آية 88

(فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون آية 14

فمثلاً الشمس فيها ضياء وحرارة وأما القمر فنور فقط ولذا جاء القرآن الكريم بقوله ..
( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً ) يونس آية 5

وأيضاً فإن الإنسان كلما صعد مرتفعاً في الجو فإنه يفقد الكثير من الأكسجين مما يجعل نفسه ضيقاً ...
(ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ) الأنعام آية 125

وأخيراً فأنك بمعرفة الحق والسير فيه ماعليك الإ أن تسبح الرحيم وتقدسه لتنال فضائله ومكارمه ..
( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون ) يـس آية 83

وبه تنال بركات الإله وإمداداته ..
( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير ) الملك آية 1

وإن الله عزوجل ليميز الحق من الباطل في كل سنن الحياة ومناهجها وشرائعها وهنا فإن ..
(كل نفس بما كسبت رهينة ) المدثر آية 38

وإن كل حق في الحياة مع أربابه سينالون العز والنصروالتمكين وأما من هم على الباطل فلهم على الدوام الذلة والهوان والصغار ..

وسيفوز كل من المحقين أفراداً وأسراً ومجتمعات وأمماً وشعوباً بكل الحقائق
والبراهين وقطعيات الدلائل والمبلغات لليقين وهي أسس ثابته تؤدي بإذن الله
إلى نتائج ثابته لاتتغير ولاتتبدل .
(ولن تجد لسنة الله تبديلا) الفتح آية 23

والله سبحانه قد حدد هذه المخارج وماهو من اليسر لمن اتقاه وخشيه ورجا ثوابه وأمل عطاءاته
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) الطلاق آية 2

(ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) الطلاق آية4

وأي أمة قامت حياتها على غير مراد الله فلها البوار و الثبور والهلاك وإن
زعمت بأن ماتسلكه ماهو إلا حضارة ومدنية وانشغلت جموع منها بحماية حقوق
الإنسان – كما زعموا – ومع ذلك تموت في ديارها الكلاب تخمة ولها جمعيات
للرفق بها دون نظير لذا للإنسان .

والإنسان في معظمه يعيش مآسي الجهل والفقر والمرض وبمرأى من أبصار هؤلاء متجلية ظاهرة .

وقد يصيب الإنسان العجب عندما يحكم على الحق بالباطل والباطل بالحق وهي
قوانين أخذت شرعيتها في معظم دول العالم يوم غابت القلوب السليمة والعقول
النيرة والضمائر الحية والسبل المستقيمة واستبدلت بالأحقاد والضغائن
والبغضاء والكراهية .

ويالله للضعفاء والبؤساء والمحرومين والمعدمين .

والله المستعان على مايعمله المبطلون والضالون
وميتوا كل نشاط خيري وماهو من الإصلاح والحق والتقوى .

( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) الشعراء آية 227

-وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين -