.أما العوامل المسببة للمشاكل والاضطرابات الشخصية فهي
: 1 ـ العوامل الوراثية
.2 ـ العوامل النفسية
.3 ـ المؤثرات الأسرية
.أولاً : العوامل الوراثية :تشير الدراسات التي أجراها العلماء والباحثون
في مجالي التربية وعلم النفس أن العوامل الوراثية تلعب دوراً خطيراً في
ظهور الاضطرابات الشخصية ، فقد أوضحت الدراسات التي أجراها العالم [ ديفيد
روزنثال ] رئيس معمل علم النفس بالمعهد الوطني للصحة النفسية في الولايات
المتحدة أن أقرباء الدرجة الأولى [ الوالدين والأخوة والأبناء ] يمكن أن
تظهر بينهم اضطرابات الشخصية بمعدل الضعف بالمقارنة مع أقرباء الدرجة
الثانية [ الأجداد والأعمام والأحفاد ] حيث تزداد احتمالية تعرض الأفراد
لتلك المشكلات كلما زادت درجة القرابة بينهم . وهناك العديد من العلماء
الذين يمزجون بين عوامل الوراثة وعوامل البيئة كعوامل مترابطة ومتلازمة في
كل مرحلة من مراحل نمو الفرد ، وهناك من يعتقد أن البيئة لا يمكن أن تؤثر
إلا على الإنسان الذي يحمل خصائص وراثية معينة .كما أوضحت الدراسات التي
أجراها كل من الباحثون بكلية الطب [ بجامعة بيل ] الأمريكية [ ليكمان و
وايزمان و مريكانجر و بوليس و بروسوف ] أن أقارب الدرجة الأولى لأفراد
مصابين باضطرابات الاكتئاب أو الهلع هم أكثر عرضة للإصابة بتلك الاضطرابات
.كما اتضح من تلك الدراسات أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين[5 ـ17]
سنة ،والتي تنتشر تلك الاضطرابات بين والديهم هم أكثر عرضة أيضاً للإصابة
باضطرابات القلق والاكتئاب والهلع مثل الوالدين تماماً ، وأن هناك علاقة
وثيقة بين اضطرابات القلق والاكتئاب لدرجة أن حدوث أحدهما يزيد احتمالية
حدوث الآخر كما أجرى العالم [أزنك وبريل] دراسات على التوائم [ أحادي
البيضة ] و[ ثنائي البيضة ] ، وقد أوضحت تلك الدراسات تزايد معدل حدوث تلك
المشكلات الشخصية بين زوجي التوائم المتماثلة بحيث إذا أصيب أحدهما بمشكلة
ما فغالباً ما يصاب الآخر بها .وعليه فقد أصبح واضحاً أن العوامل الوراثية
تلعب دوراً أساسياً كمسببات للمشكلات الشخصية لدى الأطفال والمراهقين ،
ورغم صعوبة تحديد مدى تأثير العوامل الوراثية ، فإن هناك بعض الأفراد قد
تظهر لديهم استعدادات للإصابة بالقلق والاكتئاب كرد فعل للنظام البيئي
الذي يعيشون فيه ، ومن المهم أن نأخذ في اعتبارنا أن الأطفال والمراهقين
يحملون معهم خصائص واستعدادات وميولا معينة إلى النظام البيئي الذي يعيشون
فيه ، وينبغي عدم اعتبارهم مجرد متلقين سلبيين لتأثير العوامل البيئية
عليهم ، فهم يتأثرون بالبيئة ويؤثرون فيها .إن معالجة هذه الحالات لدى
الأطفال والمراهقين تتطلب دراسة شاملة لأحوالهم الأسرية بغية التعرف على
مسببات تلك المشاكل وعلاجها .ثانياً : العوامل النفسية :يعتقد العديد من
العلماء والمفكرين التربويين ، وفي المقدمة منهم العالم [فرويد] أن القلق
يعتبر عاملاً أساسياً في حدوث المشكلات النفسية لدى الطفل خلال مراحل
النمو ، ابتداءً من الميلاد وحتى الطفولة المبكرة ، حيث يواجه الطفل
ضغوطاً مستمرة من الوالدين وغيرهم من أفراد الأسرةالمحيطين به ، لكي
يستطيع التكيف مع العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية وهم يسعون إلى
كفّ غرائزه الأولية ومنع إشباعها الفوري .أما الطفل فيحاول نتيجة تلك
الضغوط كبت الغرائز غير المقبولة لدى الأسرة ، والتي غالباً ما تنطوي على
رغبات جنسية وعدوانية ، بسبب تلك الضغوط المسلطة عليه أثناء عملية تدريبه
وتنشئته الاجتماعية من قبل أسرته ، غير أن شدة تأثير وسيطرة تلك الغرائز
على الطفل تحول دون كبتها بصورة تامة ، حيث تبقى ضاغطة على الطفل طلباً
للإشباع ، وهذا ما يؤدي إلى أن تصبح الغرائز مصدراً للتهديد بالظهور
والإفصاح عن نفسها من وقت إلى آخر . ويسود الاعتقاد لدى العلماء أن تهديد
الغرائز بالظهور إلى منطقة الشعور ، ومحاولة الطفل إشباعها تعتبر السبب
الأساسي لحدوث[ القلق ] لدى الطفل ، حيث يُجبر على بذل أقصى الجهد لمنع
ظهور تلك الغرائز إلى الشعور ، وقد يؤدي إخفاقه في كبت غرائزه إلى التعرض
إلى [القلق الحاد] ، وربما إلى [الهلع ] لدى البعض الآخر ، وقد يتسبب ذلك
في حدوث أعراض جانبية أخرى كالمخاوف المرضية ، والشكوى من بعض الأشياء
البيتة ، والشكوى من بعض الآلام الجسمية دون سبب عضوي واضح ، وقد يوجه
الطفل دوافعه العدوانية إلى نفسه ، حيث يظهر ذلك في صورة أعراض [ الاكتئاب
] ، [والخوف ] من الانفصال عن الوالدين ، أو من المدرسة ، كما يمكن أن
يحدث الاكتئاب نتيجة محاولة الطفل التحكم في الغضب ، والحزن ، لا شعورياً
، وذلك بتوجيه تلك المشاعر نحو الذات .